إن الحکمة الإلهیة فی تدبیر شؤون خلقه تبارک وتعالی اقتضت غیبة الإمام المهدی ـ عجل الله فرجه ـ للحکمةِ نفسها التی اقتضت غیبات الأنبیاء فی الاُمم السابقة، لأن ما جری فی هذه الاُمم مجتمعة یجری علی الاُمة الاسلامیة صاحبة الشریعة الخاتمة. فمثلما اقتضی تحقیق أهداف الرسالات السماویة غیبة بعض أنبیائها بدلیل عدم استعداد الاُمم السابقة لتحقق هذه الأهداف، کذلک الحال مع الأمة الإسلامیة فإن تحقق أهداف شریعتها الخاتمة اقتضی غیبة خاتم أوصیائها الإمام المهدی(علیه السلام) حتی تتأهل بشکل کامل لتحقق هذه الأهداف، وواضح أن هذا السبب مجمل بل إنه یشکل الإطار العام لعلل الغیبة التی تذکرها الطوائف الأخری من الأحادیث الشریفة.
والملاحظ فی هذه الطائفة من الأحادیث أنّها تعتبر أمر الغیبة من الأسرار الإلهیة التی لا تتضح إلاّ بعد انتهاء الغیبة وظهور الإمام والتی لم یُؤذن بکشفها قبل ذلک، الأمر الذی یشیر الی أن ما تذکره الأحادیث الشریفة لا یمثل کل العلل الموجبة للغیبة بل بعضها وثمة علل أخری لیس من الصالح کشفها قبل الظهور ـ للجمیع علی الأقل ـ، ولکن الإیمان بها فرع الإیمان بحکمة الله تبارک وتعالی وأنه الحکیم الذی لا یفعل إلاّ ما فیه صلاح عباده.