أمّا قول الأستاذ محمّد إسعاف النشاشیبی: «إذا کانت سنّة أو شیعة أو اعتزالیّة تقبل الخرافة المهدویّة …» إلى نهایة مقاله، فقول من أفلس من الحجّة و لم یظفر بالسند، فعمد إلى هذه المزعمة التی لا یقودها شیء من الدلیل. و لعلّ الأستاذ النشاشیبی ألقى هذه المقالة المجرّدة عن البرهان و هو غیر واقف على ما أدلیناه علیک من الحدیث المتواتر فی الإمام المنتظر علیه السّلام، و نقلناه عن أئمّة الحدیث و ناقدیه عند أهل السنّة بصورة صحیحة صریحة واضحة جلیّة، و أنّه «یظهر فی آخر
الزمان فیملأ الأرض قسطا و عدلا کما ملئت ظلما و جورا»، و أنّه «یطهّر الأرض من الذین اتّخذوا مال الله دولا، و عباده خولا، و دینه دغلا»، ما یغنینا عن تکراره بالإعادة، و لکن المهمّ أن نناقش هذا الرجل فی قوله: «و کتاب الله ینبذها نبذا»؛ فإنّ هذا القول إن دلّ على شیء فإنّما یدلّ على أنّ قائله غفل عن کتاب الله و أهمل آیاته، و إلّا کان علیه- فی الأقلّ- قبل أن یحکم بالخرافة على مقالة المهدویّة أن یستمع إلى قول الله فی القرآن: وَ ما آتاکُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَ ما نَهاکُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا [الحشر: 7]، و یصغی إلى قوله تعالى فی وصف نبیّه و صفیّه صلّى الله علیه و آله و سلم: وَ ما یَنْطِقُ عَنِ الْهَوى – إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْیٌ یُوحى [النّجم: 3 و 4]، و هذا رسول الله صلّى الله علیه و آله و سلم الذی لا ینطق عن الهوى- على حدّ تعبیر کتاب الله- یقول: «المهدیّ من أهل البیت یملأ الأرض قسطا و عدلا کما ملئت ظلما و جورا، و یؤمّ هذه الأمّة و یصلّی عیسى خلفه». و قد تقدّم ثبوت هذا عن رسول الله صلّى الله علیه و آله و سلم عن أئمّة الحدیث من أهل السنّة و الشیعة جمیعا ، فلا یصحّ للأستاذ النشاشیبی أن یجحده لأنّ فی جحوده حرب الله و حرب رسوله صلّى الله علیه و آله و سلم؛ لذا ترى الذین یؤمنون برسول الله صلّى الله علیه و آله و سلم و یعتقدون بأنّه نبیّ حقّ ختم الله تعالى به الأنبیاء علیهم السّلام لا ینبذون قوله، بل یقبلونه، و لا یرفضون أحادیثه الصحیحة المتواترة لأنّها أحادیث حفّاظ أهل الدّین و فقهاء المسلمین أجمعین؛ و من ذلک ما نقلوه لنا من قول النبیّ صلّى الله علیه و آله و سلم فی الحدیث المشهور عند المسلمین من أهل السنّة و الشیعة و الاعتزالیّة: «النّجوم أمان لأهل السّماء، و أهل بیتی أمان لأمّتی من الاختلاف، فإذا خالفتهم قبیلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبلیس».
و قد أخرج الحدیث المذکور جمع کثیر من حملة الآثار النبویّة من أهل السنّة؛ فمنهم الحاکم فی مستدرکه، ص 149، من جزئه الثالث، عن ابن عبّاس مرفوعا، و صحّحه على شرط البخاری و مسلم، و ابن حجر الهیتمی فی صواعقه، ص
111، من الفصل الثانی، فی سرد الأحادیث الواردة فی أهل البیت علیهم السّلام بالإسناد إلى سلمة بن الأکوع، فراجع ثمّة حتّى تعلم أنّ رسول الله صلّى الله علیه و آله و سلم أقام المهدیّ علیه السّلام أمانا لأمّته، و دافعا لعذابها، و رافعا لخلافها، و مانعا من ذهابها.
و أمّا قوله: «و لم یعقّب الحسن العسکریّ ذکرا و لا أنثى»، فقد أریناک عدم صحّة هذا القول و بطلانه بما تقدّم من الأدلّة