جستجو
این کادر جستجو را ببندید.

رسوخ الفکرة فی الدیانتین الیهودیة و النصرانیة

زمان مطالعه: 2 دقیقه

إن الإیمان بفکرة ظهور المصلح ثابت عند الیهود مدوّن فی التوراة والمصادر الدینیة المعتبرة عندهم، وقد فصّل الحدیث عن هذه العقیدة عند الیهود کثیر من الباحثین المعاصرین خاصةً فی العالم الغربی مثل جورج رذرفورد فی کتابه «ملایین من الذین هم أحیاء الیوم لن یموتوا أبداً»، والسناتور الأمیرکی بول منزلی فی کتابه (من یجرؤ علی الکلام) والباحثة غریس هالسل فی کتابها «النبوءة والسیاسة». وغیرهم کثیر(1)

فکل مَن درس الدیانة الیهودیة التفت الی رسوخ هذه العقیدة فیها. والنماذج التی ذکرناها آنفاً من هذه الدراسات اختصت بعرض هذه العقیدة بالذات عند الیهود والآثار السیاسیة التی أفرزتها نتیجة لتحرک الیهود انطلاقاً من هذه العقیدة، وفی القرون الأخیرة خاصة بهدف الاستعداد لظهور المنقذ العالمی الذی یؤمنون به.

وسبب هذا التحرک هو أن عقیدة الیهود فی هذا المجال تشتمل علی تحدید زمنی لبدء مقدمات ظهور المنقذ العالمی؛ الذی یبدأ من عام (1914) للمیلاد ـ وهو عام تفجر الحرب العالمیة الاُولی کما هو معروف ـ، ثم عودة

الشتات الیهودی الی فلسطین وإقامة دولتهم التی یعتبرونها من المراحل التمهیدیة المهمة لظهور المنقذ الموعود، ویعتقدون بأن العودة الی فلسطین هی بدایة المعرکة الفاصلة التی تنهی وجود الشر فی العالم ویبدأ حینئذ حکم الملکوت فی الأرض لتصبح الأرض فردوساً»(2)

وبغض النظر عن مناقشة صحة ماورد من تفصیلات فی هذه العقیدة عند الیهود، إلاّ أن المقدار الثابت هو أنها فکرة متأصلة فی تراثهم الدینی وبقوة بالغة مکّنت الیهودیة ـ من خلال تحریف تفصیلاتها ومصادیقها ـ أن تقیم علی أساسها تحرکاً استراتیجیاً طویل المدی وطویل النفس، استقطبت له الطاقات الیهودیة المتباینة الأفکار والاتجاهات، ونجحت فی تجمیع جهودها وتحریکها باتجاه تحقیق ما صوّره قادة الیهودیة لأتباعهم بأنه مصداق التمهید لظهور المنقذ الموعود.

وواضح أنّ الایمان بهذه العقیدة لو لم یکن راسخاً ومستنداً الی جذور عمیقة فی التراث الدینی الیهودی لما کان قادراً علی إیجاد مثل هذا التحرک الدؤوب ومن مختلف الطاقات والاتباع، فمثل هذا لا یتأتی من فکرة عارضة أو طارئة لا تستند الی جذور راسخة مجمع علیها.

کما آمن النصاری بأصل هذه الفکرة استناداً الی مجموعة من الآیات والبشارات الموجودة فی الإنجیل والتوراة. ویصرح علماء الإنجیل بالایمان بحتمیة عودة عیسی المسیح فی آخر الزمان لیقود البشریة فی ثورة عالمیة کبری یعم بعدها الأمن والسلام کل الأرض کما یقول القس الالمانی فندر فی کتابه «میزان الحق»(3) وأنه یلجأ الی القوة والسیف لإقامة الدولة العالمیة العادلة. وهذا هو الاعتقاد السائد لدی مختلف فرق النصاری.


1) راجع أیضاً أهل البیت فی الکتاب المقدس، احمد الواسطی: 121 ـ 123.

2) صحیفة العهد اللبنانیة العدد: 685، مقال تحت عنوان «حرکة شهود یهوه، النشأة، التنظیم، المعتقد».

3) بشارت عهدین: 261، نقلاً عن کتاب میزان الحق للقس الالمانی فندر: 271.