ومن رسالة له الی سفیریه العمری وابنه: «وَفَّقکُما الله لطاعتهِ، وثبَّتکما علی دینهِ، وأسعدَکُما بمرضاته، انتهی إلینا ماذکرتُما أن المیثمی أخبرکُما عن الُمختارِ ومناظراته من لقی، واحتجاجه بأنَّه لا خلف غیرُ جعفر بن علیَّ وتصدیقه إیّاه وفهمتُ جمیع ما کتبتما به ممّا قال أصحابُکما عنهُ، وأنا أعُوذُ بالله من العمی بعد الجلاء، ومَن الضّلالَةِ بعد الهُدی، ومن مُوبقات الأعمال، ومُردیات الفتن، فإنَّهُ عزَّ وجلَّ یقولُ: (أ لم، أحسبَ الناسُ أن یترکُوا
أن یقُولوا آمنّا وهم لا یُفتنُونَ)(1) کیف یتساقُطون فی الفتنة، ویتردّدُون فی الحیرة، ویأخُذُونَ یمیناً وشمالاً، فارقُوا دینهم، أم ارتابُوا، أم عاندوا الحقَّ، أم جهلُوا ما جاءت به الرّوایات الصّادقةُ والأخبارُ الصّحیحةُ، أو علمُوا ذلک فتناسوا، ما یعلمون أن الأرضَ لا تخلو من حُجّة إمّا ظاهراً وإمّا مغُموراً.أولم یعلموا انتظام أئمتهم بعد نبیهم(صلی الله علیه وآله) واحداً بعد واحد إلی أنْ أفضی الأمر بأمرِ الله عزّ وجلَّ إلی الماضی یعنی الحسن بن علی(علیهما السلام))ـ فقام مقام آبائه(علیهم السلام) یهدی إلی الحق وإلی طریق مُستقیم، کانُوا نوراً ساطعاً، وشهاباً لامعاً، وقمراً زاهراً، ثُمَّ اختارَ اللهُ عزَّ وجلَّ له ما عندهُ فمضی علی منهاج آبائه(علیهم السلام) حَذْوَ النَّعل بالنَّعلِ علی عهد عهدهُ، ووصیّة أوصی بها إلی وصیٍّ سترهُ الله عزّ وجلّ بأمره إلی غایة، وأخفی مکانهُ بمشیئة للقضاء السّابقِ والقدرِ النّافذ، وفینا موضعُهُ، ولنا فضلُهُ، ولو قدْ أذنَ اللهُ عزَّ وجلَّ فیما قدْ منعهُ عنهُ وأزال عنهُ ما قد جری به من حُکمِهِ لأراهُم الحقَّ ظاهراً بأحسنِ حلیة، وأبین دلالة، وأوضح علامة، ولأبانَ عن نفسهِ وقامَ بحُجّتهِ، ولکنَّ أقدار الله عزَّ وجلَّ لا تُغالبُ وإرادتهُ لا تُردُّ وتوفیقهُ لا یُسبقُ، فلیدعُوا عنهمُ اتّباعَ الهوی، ولیُقیمُوا علی أصلهمُ الّذی کانُوا علیهِ، ولا یبحثُوا عما سُتر عنهُم فیأثَموا، ولا یکشفُوا سترَ الله عزَّ وجلَّ فیندموا، ولیعلموا أنَّ الحقَّ معنا وفینا، لا یقُولُ ذلکَ سوانَا إلاّ کذَّابٌ مُفتر، ولا یدَّعیه غیرُنا إلاّ ضالٌّ غویٌّ، فلیقتصرُوا منّا علی هذِهِ الجُملةِ دُونَ التَّفسیرِ، ویقنعُوا من ذلکَ بالتَّعریضِ دُونَ التَّصریحِ إن شاءَ الله(2)
1) العنکبوت (29): 1 ـ 2.
2) کمال الدین: 510، بحار الأنوار: 190/53، معجم أحادیث المهدی: 287/4.