إنّ الهدف العام لتحرک الإمام المهدی(علیه السلام) فی فترة الغیبة الکبری، هو رعایة مسیرة الأمة الإسلامیة وتأهیلها لظهوره والقیام بالمهمة الکبری المتمثلة بإنهاء الظلم والجور وإقامة الدولة الإلهیة العادلة فی کل أرجاء الأرض وتأسیس المجتمع التوحیدی الخالص کما سنفصل الحدیث عن ذلک فی الفصل الخاص بسیرته بعد ظهوره(علیه السلام).
وبعبارة أخری فإن الإطار العام لسیرته ـ عجل الله فرجه ـ فی هذه الفترة هو التمهید لظهوره بما یشتمل علیه ذلک من رعایة الوجود الإیمانی وحفظه وتسدید نشاطاته وتطویره عبر الأجیال المتعاقبة التی یعاصرها، وحفظ الرسالة الخاتمة من التحریف إضافة الی القیام بالمیسور من مهام الإمامة الأخری وإن کان ذلک بأسالیب أکثر خفاءً مما کان علیه الحال فی الغیبة الصغری، وبذلک یتحقق الانتفاع من وجوده(علیه السلام) کما ینتفع بالشمس إذا غیّبها السحاب.
وهذا الهدف العام لسیرته فی هذه الغیبة الکبری نلاحظه بوضوح فیما ورد بشأن تحرکه فی هذه الغیبة.
وقبل التطرق لنماذج من هذا التحرک، نلقی نظرة عامة علی بعض ما أشارت إلیه الأحادیث الشریفة بشأن علة الغیبة وأسرارها، إذ إن من الواضح أن التمهید للظهور یکون بإزالة الأسباب التی أدت للغیبة، لذا فإن التعرف علی أسباب الغیبة یلقی الأضواء علی طبیعة تحرک الإمام المهدی (علیه السلام) خلالها.