إنّ الامام المهدی ـ عجل الله فرجه ـ هو الذی یملأ الأرض قسطاً وعدلاً کما ملئت ظلماً وجوراً، فیزیل حکام الجور وحاکمیة الفساد بالسیف بعد إتمام الحجة کاملة علی المنحرفین خلال الغیبة الکبری وما قبلها کما أشرنا الی ذلک فی النقطة السابقة. فظهوره(علیه السلام) مقترن بالتحرک الجهادی الحاسم، فلا هدنة مع المنحرفین، ومن هنا یلزم توفر هذه الصفة فی أتباعه أیضاً، ولعل هذا هو المقصود من تعبیر الأحادیث الشریفة «لئلا یکون فی عنقه بیعة لطاغیة».
وواضح أن هذا الدور الحاسم یجعل تکالب الظالمین علیه أشد إذا کان وجوده ظاهراً قبل تحرکه الإصلاحی الشامل وقبل توفر الظروف المناسبة لتحرکه والعدد اللازم من الأنصار، فهو فی هذه الحالة إما أن یهادن الظلمة ویجمّد أی نشاط له ولو کان غیر حاسم کما کان حال آبائه(علیهم السلام)، وفی ذلک أخطار کثیرة مثل إضعاف روح الرفض للظلم لدی المؤمنین وهم یرون أن إمامهم المکلف بإزالة الظلم بصورة کاملة صامت تجاهه، فضلاً عن أن هذا الموقف السلبی لن یوقف کید الظالمین ومساعیهم المستمرة لقتله تخلصاً من هاجس دوره المرتقب؛ وإما أن یتحرک لإنجاز مهمته قبل توفر العوامل اللازمة لنجاحها وهذا الأمر یعنی مقتله قبل أن یحقق شیئاً من مهمته الکبری.
لذا فلابد من تجنب الظهور قبل اکتمال الأوضاع اللازمة لتحرکه الإصلاحی الأکبر والاستتار فی اسلوب الغیبة بما یمکنه من الاستمرار فی نشاطه علی صعید توفیر العوامل اللازمة لنجاح مهمته الکبری عند الظهور.